الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

المطلق العلماني

«المطلق» هو المركز الذي يتجاوز كل الأجزاء ولا يتجاوزه شيء وهو المبدأ الواحد والركيزة أو المرجعية النهائية. والأنساق الفكرية العلمانية الشاملة قد تنكر أية نقطة مرجعية متجاوزة لهذه الدنيا، إلا أنها تستند إلى ركيزة أساسية ومرجعية نهائية كامنة في المادة (الطبيعة أو الإنسان أو التاريخ)، ولذا فهي مرجعية نهائية مادية تشكل مطلق هذا النموذج، فهي من ثم «مطلق علماني». وهذا المطلق يمكن أن يتخذ عدة أسماء ويتبدَّى من خلال عدة أشكال (اليد الخفية وآليات السوق عند آدم سميث ـ وسائل الإنتاج عند ماركس ـ الجنس عند فرويد ـ الروح المطلقة عند هيجل ـ قانون البقاء عند داروين ـ إرادة القوة عند نيتشه ـ التقدم اللانهائي في الحضارة العلمانية ـ عبء الرجل الأبيض في التشكيل الاستعماري الغربي ـ روح التاريخ عند الهيجليين). وكل هذه المفاهيم إن هي إلا تنويع سطحي على مفهوم الطبيعة/المادة.

وقد بدأت المنظومة العلمانية بأن جعلت الإنسان المطلق العلماني. ولكن مركز المطلقية انتقل، وبالتدريج، إلى عالم الأشـياء (الطبيعة/المادة ـ الدولة ـ السـلعة ـ وسـائل الإنتاج... إلـخ). ومن ثم أصبحت كل الأمور، في نهاية الأمر وفي التحليل الأخير، طبيعية/مادية لا قداسة لها، وابتلعت الواحدية المادية الإنسان تماماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق