الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

العلمانية الجزئية

«العلمانية الجزئية» هي رؤية جزئية للواقع تنطبق على عالم السياسة وربما على عالم الاقتصاد، وهو ما يُعبَّر عنه بفصل الكنيسة عن الدولة. والكنيسة هنا تعني «المؤسسات الكهنوتية»، أما الدولة فهي تعني «مؤسسات الدولة المختلفة». ويُوسِّع البعض هذا التعريف ليعني فصل الدين (والدين وحده) عن الدولة بمعنى الحياة العامة في بعض نواحيها. ونحن نُسمِّي هذه الصيغة «علمانية جزئية» لسببين:

1 ـ الدولة التي يشير لها التعريف هي دولة القرن التاسع عشر التي لم تكن قد تغوَّلت بعد ولم تكن قد طوَّرت مؤسساتها التربوية والأمنية المختلفة التي تُمكِّنها من محاصرة المواطن أينما كان، ولذا تركت له رقعة واسعة يتحرك فيها ويديرها حسب منظومته القيمية.

2 ـ تلزم العلمانية الجزئية الصمت تماماً بشأن المرجعية الأخلاقية والأبعاد الكلية والنهائية للمجتمع ولسلوك الفرد في حياته الخاصة وفي كثير من جوانب حياته العامة.

كل هذا يعني أن العلمانية الجزئية تترك حيزاً واسعاً للقيم الإنسانية والأخلاقية المطلقة، بل للقيم الدينية مادامت لا تتدخل في عالم السياسة (بالمعنى المحدد)، أي أنها صيغة لا تسقط في النسبية أو العدمية. وهذه الصيغة هي الشائعة بين عامة الناس في الشرق والغرب، بل بين الكثير من المفكرين العلمانيين. ويمكن تسميتها «العلمانية الأخلاقية أو الإنسانية» (وهناك بعض المفكرين الإسلاميين يرون أن هذه العلمانية الجزئية الأخلاقية لا تتناقض بأية حال مع المنظومة الدينية الإسلامية وأنهما يمكنهما التجاور والتعايش بل التكامل).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق