الاثنين، 4 مايو 2009

التسامح الديني والحرية الدينية

  • لقد أحتلت حرية الدين—أو "حرية الضمير" كما كانت تُسمى في كثير من الاحيان. و هي تحتل مركز الصدارة في التصنيف الليبرالي للحريات. ووصف جيمس ماديسون هذه الحرية بقوله : "هذا الحق الطبيعي وغير القابل للتصرف هو أكثر الحقوق قدسية"—وهو شعور عبَّر عن مثله جون ستوارت ميل ، بعد عقود لاحقة عندما قال إن حرية الضمير هي " أسمى عنصر من عناصر العقيدة الليبرالية."
    وعلى الرغم من أن دعاة الحرية الدينية من الليبراليين، كانوا يُقدِّرون جهود جون لوك وغيره من أوائل المدافعين عن التسامح الديني، فقد كان رد فعلهم شديداً إزاء الحرية الجزئية التي تضمنها مثل ذلك التسامح (لوك، على سبيل المثال، استثنى الكاثوليك والملحدين من مشروعه)؛ وقد رفضوا فكرة أن للدولة الحق في أن تمنح أو تحجب التسامح على أساس الانتهازية السياسية. إننا نرى ذلك في ملاحظات ميرابو، خلال اجتماع للجمعية الوطنية الفرنسية (التي أقرَّت "إعلان حقوق الإنسان" في عام 1789): "إنني لن أعظ حول التسامح. إن الحرية القصوى وغير المحدودة للدين، هي في نظري حق له من القداسة ما يجعل كلمة تسامح و التي يفترض أن تُعبِّر عنها، تبدو لي وكأنها توحي بالاستبداد. وفي الحقيقة، فإن وجود أية سلطة تملك القوة على منح التسامح، هي تعدٍّ على حرية التفكير، تحديداً بسبب أنها تتسامح، وبالتالي فإنها تملك السلطة لحجب التسامح." وفي قول مماثل في كتابه: حقوق الإنسان، كتب توماس بين يقول "التسامح ليس نقيضَ عدم التسامح، بل إنه شكلٌ مزوَّر ٌ من أشكاله. فكلاهما استبداديان. فأحدهما يعطي لنفسه حق حجب حرية الضمير، والآخر حق منحها." وبالإضافة إلى الحجة الأخلاقية بأن حرية الضمير هي حق غير قابل للتصرف، فقد قدم المدافعون عن الحرية الدينية، عدداً من الحجج العملية دفاعاً عنها. وأهم تلك الحجج تلك التي أشارت إلى القلق من أن يؤدي تعدد المعتقدات الدينية وممارساتها في الأمة الواحدة، إلى إذكاء النزاعات المدنية، حيث أن ممارسي كل دين من تلك الأديان سوف يسعون إلى تحقيق السيطرة السياسية على منافسيهم.وقد وجد الليبراليون الحل لهذه المعضلة في علمانية السلطة السياسية (أو فصل الكنيسة (الدين) عن الدولة. و هو المبدأ الذي كان متعارفاً عليه في الولايات المتحدة). فإذا ما حُرمت جميع الأديان من السلطة القهرية، فإنها لن تكون قادرة على السيطرة أو على اضطهاد منافسيها. فالإقناع الطوعي يصبح وقتها الوسيلة الوحيدة لكسب المؤمنين. لقد كان حصول الحكومات على السلطة القهرية هو السبب الرئيسي في نشوب الحروب الكثيرة على امتداد التاريخ، ذلك أنه دفع بالأقليات، خشية تعرضهم للاضطهاد، إلى حمل السلاح دفاعاً عن النفس. بالاضافة الى أن حيازة السلطة تؤدي إلى إفساد المؤمنين المتدينين، بنفس قدر إفسادها لغيرهم، وبالتالي فقد قال الليبراليون بأن الحرية تخدم مصلحة كل دين حقيقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق