الثلاثاء، 12 مايو 2009

العولمة Globalisation

  • لم تنتشر كلمة في القاموس الاقتصادي على مدى العقدين الفائتين بنفس السرعة التي انتشرت فيها كلمة "العولمة" حتى أصبحت تتردد على كل لسان يحاول رصد ملامح التطور التي يشهدها الاقتصاد العالمي. ومهما تعددت التعاريف لظاهرة العولمة، فإنها تجمع على شيء واحد وهو زيادة اعتماد الشركات والحكومات في أنحاء العالم على بعضها الآخر في ممارسة أعمالها وأنشطتها وفي تحقيق استراتيجياتها. لذلك يمكن للعولمة أن تكون مصدرا لفرص كبيرة، وخصوصا مع توفر الأسواق والعمال وشركاء الأعمال والسلع والخدمات والوظائف على المستوى العالمي. إلا أنها يمكن أن تصبح في نفس الوقت تهديدا تنافسيا يمكن له أن يقوض الأنشطة الاقتصادية التي كانت مجدية قبل تطور ظاهرة العولمة.
  • لقد ظهر مصطلح العولمة لأول مرة في عقد الثمانينات لوصف التغيرات الهائلة التي كانت تحدث داخل الاقتصاد العالمي وخصوصا منها النمو الكبير في التجارة الدولية وفي تدفقات رؤوس الأموال في مختلف أنحاء العالم. كما تم استخدام مصطلح العولمة لوصف النمو الملحوظ في تفاوت الدخل بين أغنياء وفقراء العالم، تزايد قوة الشركات متعددة الجنسية بالنسبة إلى الحكومات الوطنية، وانتشار الرأسمالية في البلدان الشيوعية السابقة. وهذا المصطلح هو مرادف في العادة لمصطلح الاندماج الدولي وانتشار الأسواق الحرة وسياسات إشاعة الحرية الاقتصادية والتجارة الحرة.
  • وعملية العولمة ليست نتيجة فقط للقوى الاقتصادية، بل أن القرارات التي اتخضها صانعو السياسة الدوليون قد لعبت دورا مهما على الرغم من أن العديد من الحكومات لم تحتضن بحرارة ظاهرة العولمة. لقد مثلت الشركات المتعددة الجنسية القوة الدافعة التي وقفت وراء العولمة وخصوصا وأنها كانت تقف بقوة منذ السبعينات لحث الحكومات على تسهيل وضع أموالها ومهاراتها في أسواق كانت محمية في السابق. وقد وقفت الشركات التي كانت تتمتع بأشكال الحماية الوطنية، ومعها نقابات العمال، باعتبارها أبرز القوى المناهضة للعولمة إلى جانب المؤيدين للتجارة العادلة. وعلى الرغم من كثرة الحديث عن العولمة في عقد التسعينات، فإن الاقتصاد العالمي كان في أواخر القرن التاسع عشر وفي بعض الجوانب أكثر اندماجا. فسوق العمل كانت آنذاك أكثر عالمية مما كانت عليه طوال القرن العشرين.
  • فعلى سبيل المثال، بلغ تدفق الناس إلى خارج أوروبا والذي تراوح حول معدل سنوي عند 300 ألف شخص في أواسط القرن التاسع عشر، نحو مليون شخص سنويا في أعقاب عام 1900. أما الآن فتبدي حكومات العالم ترددا وقلقا كبيرين حيال الهجرة في حين لم يعد الناس أحرارا في الهجرة إلى أي مكان يشاءون. أما بالنسبة إلى أسواق المال فإنه فقط في سنوات التسعينات استعادت تدفقات الأموال، كنسبة إلى حجم الاقتصاد العالمي، عافيتها ومستوياتها التي بلغتها قبل بضعة عقود من الحرب العالمية الأولى. إضافة إلى ذلك، لم تستطع الاقتصادات المعولمة الأولى البقاء لفترة طويلة.
  • فخلال الفترة الفاصلة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية انهار تدفق التجارة والأموال والناس ليصل إلى أدنى مستويات له. وحتى قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، بدأت الحكومات في نصب العوائق ووضع القيود ليس فقط أمام المهاجرين بل وأيضا أمام الواردات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق